روائع مختارة | واحة الأسرة | فقه الأسرة | ماذا يريد هؤلاء من نسائنا؟

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > واحة الأسرة > فقه الأسرة > ماذا يريد هؤلاء من نسائنا؟


  ماذا يريد هؤلاء من نسائنا؟
     عدد مرات المشاهدة: 2355        عدد مرات الإرسال: 0

النساء في الغرب تتمنين الزواج! ولا يسعدن بشيء كما يسعدن به، وترى إحداهن تختال على صويحباتها حين يعرض عليها صاحبها الزواج، فيم يعزف عنه الرجال تملصا من الحقوق والمسؤليات الإنسانية الطبيعية الجميلة، لأن أغلب الرجال تحولوا لمسوخ بلا رجولة ولا مروءة لا نخوة، ولا حرج لديهم في إستغلال المسكينة سنوات طوال بل والإنجاب منها وهو يترك بابه مفتوحا دائما دون التزامات فعلية تجاههم، ليتخلى ويمضي تابعا ما يروق له وقت يشاء، تاركا من يحتاجونه وتتعلق حياتهم به بشكل إفتراضي..

النساء في الغرب تتمنين أخذ هدنة من الصراع اليومي هنا وهناك، وممارسة الأمومة في بيوتهن دون قلق أو توتر أو مطالبات مادية منهكة، فيما يريد الرجال إستغلال عملهن وكسبهن لأقصى حد ممكن دون تحمل أي التزام منهجي في الرعاية والنفقة..

النساء في الغرب تتمنين أن يشعرن بحماية الرجل الولي، أو الأخ أو غيرة الزوج الأبي.

تتمنين أن تحتفظن بخصوصيتهن، وأن تتجنبن الامتهان المتواصل والتحرش المستمر بهن في كل شارع ومكتب ومصعد ومقعد..

النساء في الغرب تتمنين ألا يطلب منهن أن يكن رجالا وهن نساء، تتمنين أن يعترف العالم بضعفهن ويحترم هذا الضعف، ولا يتجاهله ليجبرهن على التنكر لأنوثتهن وإظهار جدارتهن بدور الرجل في كل بنود الحياة..

النساء في الغرب تتمنين أن يعتني بهن أبناؤهن في الكبر وألا يتركوهن فريسات للوحدة والمرض في مأوى الغرباء..

مـاذا يريد هؤلاء من نســائنا؟

ألا يرون الحياة الكالحة الكئيبة الطاحنة التي لا قسط فيها ولا حب ولا إنتماء التي تحياها نساؤهم؟ هل هذه هي الحرية، وهذا هو الجمال والأمان والحب والعطاء والسعادة والأناقة والتحضر الإنساني المأمول؟

حياة يحارب مثقفوها الطهر والعفة والفطرة الطيبة النقية التي تأبى إلا أن تكون هي مرجع العقول وموئل النفوس المرهقة من فوضى الإبتذال وحياة التسكع البغيضة المتلفة!

بيدهم مطرقة يهدمون بها مجتمعاتهم بجنون شيطاني سفيه أهوج سقيم أعمى ويريدوننا أن نسكن في ذات الرقعة الخربة..

نحن لسنا بحاجة لوثيقتهم، ولا لجهدهم الفكري التوافقي، وإجتهادهم غير المشكور لنحمي بناتنا ونساءنا من الظلم والعنف أو التطرف، بل هم بحاجة ماسة لما لدينا ليحموا نساءهم من القسوة والسحق والتفريط.

هم -ونحن قبلهم- بحاجة للتصور الإسلامي الحكيم القويم العادل، ليصلح حالهم وتنضبط بنية مجتمعاتهم، حاجة اللديغ السقيم لترياق سمه..

الإسلام لا يظلم النساء ولا الرجال ولا المجتمعات، إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون..

الإسلام يكلف المرأة بنفس تكاليف الرجل في العبادات والمعاملات والعقائد، ويعفيها من أمور تشق عليها كالجهاد والكسب وإعالة العائلة، وتحمل المسؤوليات الثقيلة، ويكلف الرجل بتولي شئونها، والسهر على رعايتها، وحمايتها وصيانتها، ونفقتها وتلبية إحتياجاتها المعيشية، من نفقة وطعام وكساء، وتوفير خادم ومركب ومنزل يحفظها، وإلانة الجانب لها ومعاشرتها بإحسان ومعروف، وتطييب خاطرها ومراعاة مشاعرها الرقيقة، وعدم إستباحة مالها أو إعناتها لأخذه بغير حق إلا أن تعطيه عن طيب نفسا..

ويلزم المجتمع كله بتوقيرها إحترامها وحفظ خصوصيتها وسترها وتيسير أمورها والرفق بها..

ولا يترك الأمر معلقا بما يروق للناس فيعطونه فضلا بل يجعل له أحكاما مفصلة محكمة حقا واجبا لا فضلا زائدا مستباحا.

في المجتمع المسلم لن ترى وتسمع ما تراه حولك من مآس مؤلمة حزينة تتمزق لها القلوب عن أرملة إغتصب أقارب زوجها مال صغارها الأيتام وتنكروا لها ولهم لتربيهم وحيدة وتبذل من دمها وكدها على نفقتهم وتنشئتهم في ظروف قاسية وحيدة في مهب الريح..

لن تسمع عن مطلقة تركها زوجها وترك معها أولادا له منها ورحل ونسيهم بلا نفقة ولا رعاية ولا رحمة كأنما لا وجود لهم..

لن تسمع عن زوجة عاملة يعضلها زوجها لتكد وتكسب إيودع راتبها في حسابه البنكي آخر كل شهر ويحرمها من حق التملك ومن حرية التصرف فيما تكسب وتملك..

لن تسمع عن أم يتنكر لها ولدها وينشغل بزوجته ذات الجمال والدلال وأولاده متنصلا من كل التزام عليه نحو أمه الوحيدة الواهنة...

لن تسمع عن عاتق يلتهم المجتمع وجهها صبح مساء ليعاقبها على لا شيء، لا لشيء إلا لأنه مجتمع يأكل عقله سوس الجاهلية المتلفة..

الإسلام يعطي المرأة ذات الجزاء على العمل كالرجل، ويعطيها الحق في الكسب والتجارة وإستئجار العمال، بل والتحكيم في السوق، ويعطيها حق طلب العلم والسؤال والنقاش، بل ويخصص لها يوما للدرس، مع حفظ حقها في حضور بقية الدروس، وليس هذا في درس الدين فقط بل لها أن تضرب في كل علم بباع، وقد تعلمت عائشة رضي الله عنها الطب والفقه والشعر وأنساب العرب.

بل ويشجع الناس على طلب العلم على يديها وإتخاذها قدوة وأخذ الدين عنها والنزول على قولها ورأيها ومشورتها.

الإسلام لا يقمع المرأة ليسوقها زوجة مغصوبة تباع وتشترى، بل يكرمها ويعليها ويجعل حسن دينها وأدبها أعلى ميزة فيها، ويعطيها حق القبول والرفض، وردّ العقد والإختلاع من الزوج إذا أنكرته نفسها، أو الإلتجاء للقاضي لفسخ العقد لو نالها منه ضرر وأذى..

بل ويعطيها الحق أن تأخذ من ماله ما تحتاج إليه في معيشتها ومعيشة بيتها إن كان شحيحا، بينما لا يعطيه هو هذا الحق بحال! وإن كانت هي غنية وكان هو معسرا..

الإسلام لا يجعل الزوج ديكتاتورا مقدسا يأمر فيطاع ويسأل فيجاب، بل يلزمه بحسن العشرة والتأدب معها ومعاملتها بالمعروف، ويلزمه بحقوق لا عد لها، مادية ومعنوية نحو أهله، ويوصيه بها في كل مناسبة ويأمره بأن يعلمها ويذكرها بالخير ويقيها ما يضرها وييسر لها ما ينفعها من علم وصلاة وتعبد.

ويجعله في مقابل كل ذلك ربان المركب، وأي مركب تبحر بلا ربان؟ ومن قال أن الربان خير من الركاب؟ فلا يتركهما في البيت ثوران ينتطحان بل يعطي لهذا اللين ولهذا القوة، ويعطي لهذا الدلال واللطف ولهذا الحب والشوق، ويجمع بينهما الود والرحمة، والأدب والسكينة، والرضى والاعتدال.

ثم هو لا يطلق يده عليها ليعذبها أو يؤذيها، كيف وهو يحرِّم عليه أن يلطم خادمه المملوك ويوعده بالقصاص منه يوم الحساب، إنما يعطيه حقا في التأديب لمن تنشز وتجمح لعل الله يصلحها لزوجها ولبيتها وإلا فهو سراح جميل بمعروف وإحسان.

الإسلام لا يبخس حق المرأة في الميراث والناس لا تذكر إلا أن للذكر مثل حظ الأنثيين مع أن هذا في عدد محدد وفي حالات معدودة تعد على أصابع اليد الواحدة، فقط ومع أن هذا الذكر لو كانت له عشر أخوات عوائل لديه لكان عليه أن يعولهن وينفق عليهن من ماله وحده لا يأخذ من أنصبتهن شيء، والناس لا تذكر أن هناك حالات كثيرة ترث فيها المرأة مثل الرجل، أو أكثر منه، أو ترث هي ولا يرث هو.

الإسلام لا يصادر فطرة الخلق ولا يجحدها، ولا يعاندها ولا ينكرها، بل يضعها في أنقى وأصفى وأجمل إطار، ونساؤنا وشبابنا ومجتمعاتنا، بل ومجتمعاتهم كذلك، ليست بحاجة لدنس الشذوذ والإنتكاس في درك النوازع المنحرفة عن الفطرة السليمة، وهذا الدأب الشيطاني في نشر كل ما هو شاذ ودنس وتصويره بأناقة ملفقة مغتصبة، كأنه حق من حقوق الإنسانية، وليس هو كذلك.. وكأنه فطرة طبيعية والفطرة منه براء، بل حتى الحيوانات لا تفعل ذلك!.. وكأنه مجرد إختلاف تنوع، وليس هو كذلك، بل هو إعتداء وتعد، وإنحراف وترد، هذا الدأب الغريب المنظور، المشبوه الانتشار في رقعة الأرض شرقا وغربا، ليس حقاً إنسانياً، بل من حق الإنسانية ومن واجبها قمعه ومنعه، ودفعه وتجريمه، ورغم كل شيء لا زالت مجتمعاتنا، بل ومجتمعاتهم، تلفظه وتنكره وتستهجنه ويلقي به السيل كالزبد الجافي، فكيف يجتمع حكماء البشرية ليدافعوا عن الدنس ويقننوه ويقروه؟! هل هو هوس مجنون بمنطق أعزل، أم هي رغبة ملعونة في هدم كيان الإنسانية وشرفها وتماسك بناءها الإجتماعي، وقد أصابه ما أصابه من هذا المقت المقيت بالفعل.

كلا، ليس هذا الإنتكاس حقاً إنسانياً، تماماً كما أن السرقة والقتل، والسلب والإفساد، وإغتصاب مال الناس، وإزهاق أرواحهم، وترويع أمنهم في الأرض بغير الحق، ليست حقاً من حقوق الإنسان مادام يروق له ذلك.

نحن أسأنا للإسلام كثيراً كثيراً وطويلاً طويلا،ً لا عاد لدينا نساء مسلمات ولا رجال مسلمون. نساء ورجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فغيروا وجه التاريخ وبدّلوا وجهة الأمم.

نساء رفع عنهن الجهاد فأبين إلا أن يخضن مضماره ويضربن فيه بأجمل وأبلغ سهم ورمية.. ورجال أدّبهم الإسلام فلا تدري أعن كرم أخلاقهم تتكلم، أم في صلابة جدهم ومضي عزمهم تتأمل..

نحن أسأنا للإسلام لدرجة أننا شوهنا صورته في ضمير العالم المسكين الحزين الضائع، لدرجة أن المرء ليقلب بصره في مشرق الأرض أو مغربها، ولا تقع عيناه على أمة وسط ربانية نقية أبية نورانية.

نحن أسأنا للإسلام لدرجة أننا لم نعد نعرف كيف ندافع عنه ونحن ندافع عنا، كيف نصف جماله وقسطه وملاءمته للإنسان ليحيا في سلام وأمان، ونجاح واطمئنان، وتوازن واعتدال، ونحن لا نقف في صفه، ولا ننتصف له في أنفسنا ولا أيامنا ولا حياتنا، كيف نؤمن به ولا نعتنقه، كيف نقتنع به ولا نعتقده، تطرفنا في أمور حتى شددنا على الخلق بغير شرع فانفلتوا، وتسيبنا في أمور حتى عمينا على الناس ماهو من دين ربهم وما هو ليس منه فتركوا إذ جهلوا.

أصل كل حقوق الإنسان في آية كريمة بالغة يقول الله تعالى {ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} هذا الفضل الكريم والتفضيل الكبير من الله عز وجل الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم وهداه وبين له كل سبيل جميل فأبى أكثر الناس إلا أن ينتكس إلى أسفل سافلين.

ربنا ظلمنا أنفسنا ظلما كبيرا، وإلا تغفر لنا وترحمتا نكن من الهالكين.

الكاتب: د. صفاء رفعت.